تلقت «فالتر واد بيتون» زوجة «جاك بيتون» مكالمة من المستشفى بألمانيا
بوفاة زوجها يوم 30 يناير 1982، بعد معاناة من سرطان الرئة، فأجرت عدة
اتصالات بأصدقائه لإبلاغهم بالخبر، كان من بينها اتصال بـ«محمد الجمال»،
الذى جاء وفور وصوله طالبا منها بأن ينفرد بها لبضع دقائق، وفيها أخبرها
بالمفاجأة المذهلة: «زوجك ليس اسمه جاك بيتون، بل رفعت على سليمان الجمال،
رأفت الهجان فى المسلسل الشهير، الذى حمل نفس الاسم» وهو عمى، شقيق أبى
سامى، وهو ليس يهوديًا بل مسلم،وأنه عميل سرى لجهاز المخابرات المصرية،
الذى زرعه فى إسرائيل».
انقلبت حياة الزوجة رأسا على عقب فور سماعها هذا الكلام حسب تأكيدها فى
كتاب «18 عامًا خداعًا لإسرائيل - قصة الجاسوس المصرى رفعت الجمال»، «مؤسسة
الأهرام - القاهرة»، ويحتوى الكتاب على نص رسالة طويلة من الجمال تركها
لدى محامى الأسرة شرط أن يتم فتحها بعد ثلاث سنوات من وفاته، وفيها يكشف عن
حقيقته، كما يحتوى على مذكراتها هى معه منذ بداية تعارفهما حتى زواجهما
واستقرارهما فى ألمانيا موطنها، غير أن كشف «محمد الجمال» «لحقيقة عمه لها
عجل بمعرفتها أصل الزوج، الذى عاشت معه وأحبته وأنجبت منه ولدا دون أن تعرف
حقيقته، التى أخفاها عنها بتقديم نفسه إليها وإلى غيرها كما تؤكد هى، بأنه
يهودى فرنسى ولد فى مدينة المنصورة يوم 23 أغسطس 1929، وأبوه كان رجل
أعمال فرنسيا عمل فى مصر وتزوج من مصرية ولدت له ابنين، كان جاك هو الأكبر،
وانتحر روبرت الأخ الأصغر، وبعد وفاة أم جاك تزوج أبوه للمرة الثانية من
امرأة فرنسية، ومن ثم أصبحت حياة جاك غير مريحة مع أختيه من زوجة أبيه،
فآثر الهروب.تعلق فالتر:”تلك هى القصة التى صدقناها دائمًا».
اتصلت «فالتر» بمحمد الجمال، لأنه كان حسب قولها: «صديقا مصريا لزوجها
يعيش فى ألمانيا»، وتتذكر: «لازمنا الجمال طوال فترة مرض جاك، كان يأتى
ويذهب باستمرار ويجلس معه ساعات طويلة يثرثران باللغة العربية، قبل ذلك كان
محمد قد بقى معنا فى البيت عندما جاء لألمانيا لأول مرة وعاش معنا لفترة
باعتباره ابن أستاذه ومدرسه السابق فى مصر، حتى هيأنا له وظيفة فى مستشفى
«ماينز» الجامعى كطبيب وعندها انتقل من عندنا ليعيش فى «ماينز».
تصف الزوجة طبيعة مراسم دفن «جاك» أو«رفعت»، التى تمت بعد أن عرفت حقيقته:
«بدأ الإعداد لمراسم وترتيبات الجنازة، ولما كان مطلب جاك الأخير ألا يدفن
فى مقابر اليهود، فقد ذهبت للقس صديقه لأرتب دفنه فى مقابر المسيحيين، لم
أجده لأنه كان مسافرًا لمصر، «لا توضح إذا كان سفر هذا القس مرتبطا بعلاقة
جاك بالمخابرات المصرية أم لا»، فقصدت قس القرية المجاورة، الذى يحل محله
عند غيابه، وشرحت له الأمر، وقلت له إنه يهودى ولا يريد أن يدفن فى مقابر
اليهود، وأود أن أحترم رغبته، وأن أدفنه فى المقابر العادية لقريتنا، وتفهم
القس الموقف، وناولته هبة جيدة للكنيسة، وقال: إنه سيقوم له بإجراءات
الجنازة ويدفنه فى الجبانة العامة».
اشترت الزوجة تابوتا من نوع جيد، وبدأت إجراءات الجنازة كما تؤكد فى
العاشرة من صباح 3 فبراير «مثل هذا اليوم» 1982، ووفقا للزوجة: «التزمنا
فيها بجميع القواعد والمراسم المتبعة فى ألمانيا واخترنا له الملابس، التى
سيرتديها ووسادة حرير وغطاء من الحرير لونه أبيض ضارب إلى الصفرة، وقامت
بكل هذه الإجراءات شركة لدفن الموتى لأنه من غير المسموح به فى ألمانيا
إبقاء جثث الموتى فى البيوت.. أغلقنا التابوت وغطيناه بـ600 زهرة حمراء،
وأجرى القس جميع الإجراءات،ثم حملوا التابوت فى سيارة مغلقة إلى المقبرة،
حيث تحدث القس مرة ثانية عن مناقبه، وتلا صلاة قصيرة، وهناك وقف محمد يقرأ
القرآن من مصحف معه بصوت عال، والناس مندهشون ينظرون إليه باستغراب، لم
يكونوا يعرفون ماذا يقول أو يفعل، وبعد ذلك أنزلوا التابوت فى المقبرة،
ونثر الحاضرون الزهور والتراب ثم قدموا إلى عزائهم».
عقب الدفن تناول المعزون الطعام كما تقضى التقاليد فى ألمانيا، وتؤكد
«فالتر» أن القصة التى رواها «محمد الجمال» لم تفارقها، فجاءت إلى مصر فى
العاشر من فبراير 1982 لتجرى عملية بحث واسعة النطاق عن الحقيقة.
تعليقات
إرسال تعليق