وقع السيد خالد العطية وزير خارجية قطر مساء الخميس الماضى وفى اجتماع طارئ
لوزراء الخارجية فى دول مجلس التعاون الخليجى، انعقد فى "قاعدة عسكرية فى
الرياض"، على "وثيقة الرياض"، وتعهد رسميا أمام الوزراء الخمسة بتنفيذها،
وهى الوثيقة التى رفض توقيعها فى الاجتماع الأخير لوزراء مجلس التعاون الذى
انعقد فى الرياض أيضا قبل شهر، ولذلك فإن هناك عدة أسئلة تظل مطروحة بقوة
للاستقراء من خلال الإجابة عليها تطورات هذه الأزمة الخليجية وفرص حلها،
الأول: حول مدى التزام دولة قطر بالتنفيذ. والثانى: ما إذا كان السفراء
الثلاثة الذين يمثلون دول الأزمة الثلاث أى السعودية والإمارات والبحرين
سيعودون إلى الدوحة ومتى؟.. والثالث: من هم ضحايا هذه الاتفاق المحتملين
خليجيا وعربيا والتغييرات التى ستترتب عليه فى المنطقة.
لا بد من الاستنتاج بداية بأنه لولا تراجع دولة قطر عن مواقفها التى خلقت الأزمة، وقبولها بكل شروط الدول الثلاث التى سحبت سفراءها من الدوحة، لما تم التوصل إلى هذا الاتفاق وتوقيعه، ومن اللافت أن المملكة العربية السعودية التى لا تثق كثيرا بالوعود القطرية، والالتزام بتنفيذها بالتالى، أرادت أن يتم هذا التوقيع فى حضور جميع وزراء مجلس التعاون الخليجى، بحيث يكونون شهودا عدولا على هذا التوقيع، حتى لا تلام المملكة مستقبلا هى وحليفاتها إذا ما اتخذت إجراءات أكثر قوة ضد قطر إذا لم تلتزم بالاتفاق وهددت باتخاذها عبر وسائل إعلامية مقربة منها، مثل إغلاق الحدود البرية والأجواء الجوية، ولمحت لما هو أخطر من ذلك.
الشروط السعودية الإماراتية البحرينية للمصالحة مع قطر جاءت صعبة، وأقرب إلى التعجيزية، ولهذا ماطلت السلطات القطرية فى قبولها كسبا للوقت وبحثا عن مخرج، ولكنها اضطرت فى نهاية المطاف للتخلى عن عنادها خوفا من تطورات انتقامية يصعب تحملها أو مواجهتها، ويمكن إيجاز هذه الشروط فى النقاط التالية:
• أولا: وقف إجراءات التجنيس من قبل قطر لشخصيات خليجية إسلامية معارضة لجأت إليها بعد ملاحقتها، أى هذه الشخصيات، من قبل أجهزة دولها الأمنية والقضائية بتهمة ارتكاب أعمال سياسية لزعزعة أنظمة الحكم.
• ثانيا: وقف دعم قطر لحركة الإخوان المسلمين التى وضعتها المملكة العربية السعودية على لائحة "الإرهاب" سواء بالمال أو الإعلام وتوفير الملاذ الآمن لرموزها وقياداتها ووجوب إبعادهم فورا دون تردد.
• ثالثا: وقف قطر دعم المؤسسات الحقوقية والإعلامية كافة، وما تفرع منها من صحف ومجلات ومحطات تلفزة، خاصة فى أوروبا، وتعمل لصالح حركة الإخوان، وضد مصر ودول الخليج وبإشراف مباشر أو غير مباشر من قيادات إخوانية أو متعاطفة معهم والمشروع القطرى الداعم لهم.
• رابعا: لجم قناة "الجزيرة" الفضائية وأخواتها (الجزيرة مباشر مصر، والجزيرة العامة) ومنعها من التعرض لمصر ولدول الخليج وفتح شاشاتها لاستضافة رموزها وقياداتها للتحريض ضد السلطات المصرية الحالية.
• خامسا: إغلاق بعض المراكز الدولية البحثية التى تستضيف الدوحة فروعا لها، مثل مؤسسة "راند" ومعهد بروكنغز الأمريكيين، بسبب اتهام هذه المؤسسات بالتجسس والتحريض على أنظمة الحكم فى الخليج والسعودية خاصة والتخفى خلف الدراسات والأبحاث الأكاديمية.
قبول دولة قطر بهذه الشروط مجتمعة أو منفردة، عملية شبه انتحارية، لأن هذا القبول يعنى تغيير دورها الذى تقوم به حاليا فى المنطقة بصورة جذرية، وهو أكبر بكثير من حجمها الجغرافى والديمغرافى، مثلما يعنى أيضا تغيير تحالفاتها الإقليمية والدولية التى نسجت خيوطها بعناية طوال السنوات العشرين الماضية.
فالتخلى عن دعم حركة الإخوان المسلمين يعنى كسر اتفاق مع تركيا، ورئيس وزرائها طيب رجب أردوغان، وخسارة التحالف مع حركة شكلت دائما عنصر توازن وشبكة أمان مع نظيرتها "الوهابية" فى الجوار السعودى.
الحلف القطرى التركى يقوم بالدرجة الأولى على دعم حركات الإخوان المسلمين وتمكينها من الوصول إلى سدة الحكم فى مصر وتونس وليبيا وسورية والعراق واليمن ومعظم الدول العربية من خلال تشجيع ثورات الربيع العربى ودعمها وهى ثورات لعب الإخوان المسلمون دورا مركزيا فى قيادتها، وجرى توظيف مليارات دولة قطر وذراعها الاعلامية الضاربة (قناة الجزيرة) فى خدمة هذا التحالف.
أميرا قطر، الأب والابن، لم يكن أمامهما أى خيار آخر غير التزام بالتنفيذ، لتمرير عاصفة الغضب السعودى الحالية، تماما مثلما حدث بعد أزمة شريط فيلم "سوداء اليمامة" الذى بثته "الجزيرة" قبل ستة أعوام، وكاد أن يفجر حربا بين البلدين لحديثه بالأرقام عن حجم الفساد فى صفقات السلاح السعودية، ولكن مساحة المناورة أمامهما باتت محدودة هذه المرة، ولا بديل أمامهما غير الالتزام الكامل وتجنب عواقب خطيرة.
خطوتان أقدمت عليهما قطر أخيرا يمكن أن تؤكدا بداية هذا الالتزام:
• الأولى منع الشيخ يوسف القرضاوى رئيس هيئة علماء المسلمين من الخطابة من على منبر مسجد عمر بن الخطاب يوم الجمعة الماضى رغم تنويه مكتبه رسميا بأنه سيعود للخطابة كالمعتاد وسيعلق فى خطبته على الأحداث العربية والدولية.
• الثانية: التغيير الكبير الذى بدأ فى بث قناة "الجزيرة" صباح هذه اليوم، فقد لوحظ أن أخبار الاحتجاجات فى مصر تراجعت أو انتهت كليا، ولم تعد موجودة بالكثافة التى كانت عليها قبل أيام معدودة، وعودتها أى القناة، إلى التركيز مجددا على الأزمة السورية وتطوراتها، تماما مثلما كان الحال قبل التغيير وإعطاء الأولوية للحدث المصرى بعد 30 يونيو.
أمام السلطات القطرية شهران فقط، غير قابلين للتمديد، للإقدام على خطوات عملية للتخلى عن حلفائها فى حركة الإخوان، وتفكيك شبكتها الإعلامية العلنية والسرية وكبح جنوح "الجزيرة"، والتخلى عن كل أعمال التحريض ضد النظام المصرى.
يبدو أن ما أقلق السلطات القطرية، وهو قلق مشروع، الخوف من انتقال المثلث السعودى الإماراتى البحرينى إلى المرحلة الثانية من الخطوات الانتقامية، أى إغلاق الحدود والأجواء والخنق البرى والجوى لقطر، تمهيدا للانتقال إلى المرحلة الثالثة والأخطر أى زعزعة استقرار النظام، ودعم الجناح المنافس فى الأسرة الحاكمة، وتحريض القبائل المناوئة، أو بعضها، للأسرة الحاكمة، وقبيلة "بنى مرة" على وجه الخصوص ذات الكثافة البشرية الهائلة وامتداداتها فى الجزيرة العربية.
نعترف للمرة الثانية، أن الفريق أول ضاحى خلفان بن تميم نائب رئيس شرطة دبى مثل "جهينة" التى تملك الخبر اليقين، فقد توقع انهيار حركة الإخوان وحكمهم فى مصر فى غضون خمس سنوات، وتحقق ما توقع به، ولكن بشكل أسرع وزمن أقل، وأكد على حسابه على موقع تويتر قبل شهر أن أمام دولة قطر مهلة حتى عيد الفطر المبارك، حتى تغير مواقفها وبما يعيدها إلى السرب الخليجى وانتهاء الأزمة كليا مع الدول الخليجية الثلاث، وإلا عليها تحمل تبعات ذلك، وها هى نبوءته تصدق، فهذا الرجل لا ينطق عن هوى، وإنما "موحى له"، لذلك لا نتوقع أن يعود السفراء قبل انتهاء هذه المهلة والتطبيق الكامل لنصوص الوثيقة.
ليس أمام أمير قطر الوالد، أو "المرشد الأعلى"، غير اتباع سيرة نظيره المرشد الأعلى الإيرانى الأسبق السيد الخمينى، وابتلاع كأس السم الخليجى مكرها أيضا للخروج من هذه الأزمة، ويبدو أنه أغمض عينيه وابتلعه فعلا، ونحن نحكم هنا على الظواهر، والله أعلم بالبواطن.
لا بد من الاستنتاج بداية بأنه لولا تراجع دولة قطر عن مواقفها التى خلقت الأزمة، وقبولها بكل شروط الدول الثلاث التى سحبت سفراءها من الدوحة، لما تم التوصل إلى هذا الاتفاق وتوقيعه، ومن اللافت أن المملكة العربية السعودية التى لا تثق كثيرا بالوعود القطرية، والالتزام بتنفيذها بالتالى، أرادت أن يتم هذا التوقيع فى حضور جميع وزراء مجلس التعاون الخليجى، بحيث يكونون شهودا عدولا على هذا التوقيع، حتى لا تلام المملكة مستقبلا هى وحليفاتها إذا ما اتخذت إجراءات أكثر قوة ضد قطر إذا لم تلتزم بالاتفاق وهددت باتخاذها عبر وسائل إعلامية مقربة منها، مثل إغلاق الحدود البرية والأجواء الجوية، ولمحت لما هو أخطر من ذلك.
الشروط السعودية الإماراتية البحرينية للمصالحة مع قطر جاءت صعبة، وأقرب إلى التعجيزية، ولهذا ماطلت السلطات القطرية فى قبولها كسبا للوقت وبحثا عن مخرج، ولكنها اضطرت فى نهاية المطاف للتخلى عن عنادها خوفا من تطورات انتقامية يصعب تحملها أو مواجهتها، ويمكن إيجاز هذه الشروط فى النقاط التالية:
• أولا: وقف إجراءات التجنيس من قبل قطر لشخصيات خليجية إسلامية معارضة لجأت إليها بعد ملاحقتها، أى هذه الشخصيات، من قبل أجهزة دولها الأمنية والقضائية بتهمة ارتكاب أعمال سياسية لزعزعة أنظمة الحكم.
• ثانيا: وقف دعم قطر لحركة الإخوان المسلمين التى وضعتها المملكة العربية السعودية على لائحة "الإرهاب" سواء بالمال أو الإعلام وتوفير الملاذ الآمن لرموزها وقياداتها ووجوب إبعادهم فورا دون تردد.
• ثالثا: وقف قطر دعم المؤسسات الحقوقية والإعلامية كافة، وما تفرع منها من صحف ومجلات ومحطات تلفزة، خاصة فى أوروبا، وتعمل لصالح حركة الإخوان، وضد مصر ودول الخليج وبإشراف مباشر أو غير مباشر من قيادات إخوانية أو متعاطفة معهم والمشروع القطرى الداعم لهم.
• رابعا: لجم قناة "الجزيرة" الفضائية وأخواتها (الجزيرة مباشر مصر، والجزيرة العامة) ومنعها من التعرض لمصر ولدول الخليج وفتح شاشاتها لاستضافة رموزها وقياداتها للتحريض ضد السلطات المصرية الحالية.
• خامسا: إغلاق بعض المراكز الدولية البحثية التى تستضيف الدوحة فروعا لها، مثل مؤسسة "راند" ومعهد بروكنغز الأمريكيين، بسبب اتهام هذه المؤسسات بالتجسس والتحريض على أنظمة الحكم فى الخليج والسعودية خاصة والتخفى خلف الدراسات والأبحاث الأكاديمية.
قبول دولة قطر بهذه الشروط مجتمعة أو منفردة، عملية شبه انتحارية، لأن هذا القبول يعنى تغيير دورها الذى تقوم به حاليا فى المنطقة بصورة جذرية، وهو أكبر بكثير من حجمها الجغرافى والديمغرافى، مثلما يعنى أيضا تغيير تحالفاتها الإقليمية والدولية التى نسجت خيوطها بعناية طوال السنوات العشرين الماضية.
فالتخلى عن دعم حركة الإخوان المسلمين يعنى كسر اتفاق مع تركيا، ورئيس وزرائها طيب رجب أردوغان، وخسارة التحالف مع حركة شكلت دائما عنصر توازن وشبكة أمان مع نظيرتها "الوهابية" فى الجوار السعودى.
الحلف القطرى التركى يقوم بالدرجة الأولى على دعم حركات الإخوان المسلمين وتمكينها من الوصول إلى سدة الحكم فى مصر وتونس وليبيا وسورية والعراق واليمن ومعظم الدول العربية من خلال تشجيع ثورات الربيع العربى ودعمها وهى ثورات لعب الإخوان المسلمون دورا مركزيا فى قيادتها، وجرى توظيف مليارات دولة قطر وذراعها الاعلامية الضاربة (قناة الجزيرة) فى خدمة هذا التحالف.
أميرا قطر، الأب والابن، لم يكن أمامهما أى خيار آخر غير التزام بالتنفيذ، لتمرير عاصفة الغضب السعودى الحالية، تماما مثلما حدث بعد أزمة شريط فيلم "سوداء اليمامة" الذى بثته "الجزيرة" قبل ستة أعوام، وكاد أن يفجر حربا بين البلدين لحديثه بالأرقام عن حجم الفساد فى صفقات السلاح السعودية، ولكن مساحة المناورة أمامهما باتت محدودة هذه المرة، ولا بديل أمامهما غير الالتزام الكامل وتجنب عواقب خطيرة.
خطوتان أقدمت عليهما قطر أخيرا يمكن أن تؤكدا بداية هذا الالتزام:
• الأولى منع الشيخ يوسف القرضاوى رئيس هيئة علماء المسلمين من الخطابة من على منبر مسجد عمر بن الخطاب يوم الجمعة الماضى رغم تنويه مكتبه رسميا بأنه سيعود للخطابة كالمعتاد وسيعلق فى خطبته على الأحداث العربية والدولية.
• الثانية: التغيير الكبير الذى بدأ فى بث قناة "الجزيرة" صباح هذه اليوم، فقد لوحظ أن أخبار الاحتجاجات فى مصر تراجعت أو انتهت كليا، ولم تعد موجودة بالكثافة التى كانت عليها قبل أيام معدودة، وعودتها أى القناة، إلى التركيز مجددا على الأزمة السورية وتطوراتها، تماما مثلما كان الحال قبل التغيير وإعطاء الأولوية للحدث المصرى بعد 30 يونيو.
أمام السلطات القطرية شهران فقط، غير قابلين للتمديد، للإقدام على خطوات عملية للتخلى عن حلفائها فى حركة الإخوان، وتفكيك شبكتها الإعلامية العلنية والسرية وكبح جنوح "الجزيرة"، والتخلى عن كل أعمال التحريض ضد النظام المصرى.
يبدو أن ما أقلق السلطات القطرية، وهو قلق مشروع، الخوف من انتقال المثلث السعودى الإماراتى البحرينى إلى المرحلة الثانية من الخطوات الانتقامية، أى إغلاق الحدود والأجواء والخنق البرى والجوى لقطر، تمهيدا للانتقال إلى المرحلة الثالثة والأخطر أى زعزعة استقرار النظام، ودعم الجناح المنافس فى الأسرة الحاكمة، وتحريض القبائل المناوئة، أو بعضها، للأسرة الحاكمة، وقبيلة "بنى مرة" على وجه الخصوص ذات الكثافة البشرية الهائلة وامتداداتها فى الجزيرة العربية.
نعترف للمرة الثانية، أن الفريق أول ضاحى خلفان بن تميم نائب رئيس شرطة دبى مثل "جهينة" التى تملك الخبر اليقين، فقد توقع انهيار حركة الإخوان وحكمهم فى مصر فى غضون خمس سنوات، وتحقق ما توقع به، ولكن بشكل أسرع وزمن أقل، وأكد على حسابه على موقع تويتر قبل شهر أن أمام دولة قطر مهلة حتى عيد الفطر المبارك، حتى تغير مواقفها وبما يعيدها إلى السرب الخليجى وانتهاء الأزمة كليا مع الدول الخليجية الثلاث، وإلا عليها تحمل تبعات ذلك، وها هى نبوءته تصدق، فهذا الرجل لا ينطق عن هوى، وإنما "موحى له"، لذلك لا نتوقع أن يعود السفراء قبل انتهاء هذه المهلة والتطبيق الكامل لنصوص الوثيقة.
ليس أمام أمير قطر الوالد، أو "المرشد الأعلى"، غير اتباع سيرة نظيره المرشد الأعلى الإيرانى الأسبق السيد الخمينى، وابتلاع كأس السم الخليجى مكرها أيضا للخروج من هذه الأزمة، ويبدو أنه أغمض عينيه وابتلعه فعلا، ونحن نحكم هنا على الظواهر، والله أعلم بالبواطن.
تعليقات
إرسال تعليق