بشر والبرادعي
وأضاف المصدر الذي روى لـ"بوابة الأهرام"، تفاصيل "الجولة الضائعة"، أنه خلال إجازة عيد الأضحى وقبل فض الاعتصام، اتصل الدكتور محمد البرادعي الذي كان يشغل حينها موقع نائب رئيس الجمهورية، بالدكتور محمد علي بشر وأبلغه أنه يريد لقاءه لأمر حيوي للغاية. وتابع المصدر: "بالفعل التقى الطرفين بعد المكالمة بيوم واحد وأبلغ الدكتور البرادعي الدكتور بشر بأنه تم اتخاذ قرار بفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة"، مشيرا إلى أن نائب الرئيس طالب بشر بمساعدته لتجنب ذلك وتحقيق المصالحة الوطنية.
واستطرد المصدر قائلاً: "كما أبلغ البرادعي بشر أنه حصل على تفويض من رئاسة الجمهورية ومن الحكومة ومن قيادة القوات المسلحة لتحقيق المصالحة الوطنية"، موضحا أن البرادعي كشف لبشر أن مساعيه للمصالحة مدعومة بكل قوة من جهاز المخابرات العامة ومن المشير عبد الفتاح السيسي.
ولفت المصدر الإخواني، إلى أن الدكتور بشر كان على قناعة بأنه من المستحيل أن تعود إدارة الدولة عن قرارها بعزل الدكتور محمد مرسي، وأنه لا عودة عن المضي قدما في تطبيق كامل بنود خريطة الطريق، مشيرا إلى أن بشر أبلغ البرادعي أنه هو الآخر مفوض من الإخوان ومن التحالف الوطني لدعم الشرعية للتفاهم مع الدولة وحل الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد.
ونوه المصدر إلى أن كلا من البرادعي وبشر حرصا على الصراحة المطلقة بينهما، موضحا أنهم وضعوا إطار لحل الأزمة السياسية بالبلاد، حتى أنه عندما استفسر بشر عن الضمان لتنفيذ الدولة التزامها وافق البرادعي من جانبه على أن يكون الاتفاق برعاية الاتحاد الأوروبي وأن يضمن تنفيذه.
وأضاف: "اتفق الطرفان على حل الأزمة السياسية عبر قيام جماعة الإخوان بتفريغ اعتصامي رابعة العدوية والنهضة من العناصر الإخوانية والقيادات الوسيطة وأن الدولة ستقوم من جانبها بفض الاعتصام دون نقطة دم واحدة"، مشيرا إلى أن بشر والبرادعي اتفقا على أن يظل التحالف على موقفه من أن ما حدث انقلاب عسكري ولكن الإخوان لن يواصلوا التظاهر حقنا لدماء المصريين مؤيدين للإخوان أو لثورة 30 يونيو.
وأشار إلى أن بشر والبرادعي اتفقا على وقف التحقيقات مع قيادات الجماعة عدا تلك التي تورطت في قضايا الدم على أن يتم الإفراج عن الدكتور محمد مرسي في وقت لاحق بعد استقرار الأوضاع على أن يغادر البلاد ويعيش في أي دولة أخرى، موضحا أن الطرفين اتفقا على أن يستمر حزب الحرية والعدالة وباقي أحزاب التحالف في العمل السياسي بكامل الحرية وأن يمثلوا في لجنة تعديل الدستور.
وعقب الاجتماع الذي تم تحديد جميع ملامح بنود المصالحة الوطنية خلاله، توجه بشر لرابعة وتوجه البرادعي لقيادات الدولة وباركت الدولة خطة البرادعي كما مارس بشر ضغوط على الجماعة للموافقة على المصالحة.
وقبل فض الاعتصام بثلاثة أيام وبعد الاجتماع المشار إليه بيومين، بحسب المصدر، اتصل البرادعي ببشر للاتفاق على تنفيذ الاتفاق والتقى الطرفين ثانيا، وكانت العقبة أمام تطبيق الخطة تتمثل في أن بشر صارح البرادعي بأن إخلاء رابعة العدوية أمر سهل وإنما إخلاء النهضة أمر صعب للغاية وخاصة أن اعتصام النهضة يسيطر عليه مجموعة "حازمون"، والجماعة الإسلامية.
ووفقا للمصدر، فإن بشر أبلغ البرادعي أن اعتصام النهضة يمثل هما وكابوسا بالنسبة للإخوان، مؤكدا أن الإخوان لا يسيطرون على منصة النهضة وأن الأمر بيد الجماعة الإسلامية وحازمون.
وعقب هذا الحوار، تسرب القلق لنفس نائب رئيس الجمهورية، واستأذن البرادعي بشر بأن يشاركهم في الحوار شخصا ثالث، ووفقا لرواية المصدر فإنه هذا الشخص كان أحد المسؤولين بجهاز المخابرات العامة المصرية.
وكرر بشر على مسامع البرادعي والضيف الجديد نفس التأكيدات حول اعتصام النهضة، إلا أن المسؤول الرفيع الذي لم يتسنى معرفة اسمه أو منصبه، أبلغ بشر، أن الدولة لن تقبل بأن يتم تفريغ بؤرة اعتصام على أن تظل بؤرة أخرى ينتقل المعتصمون إليها بعد تفريغ البؤرة الأولى. وفي محاولة من البرادعي لاحتواء الأزمة، اقترح أن تشارك الجماعة الإسلامية في المفاوضات، وهو ما تحفظ عليه بشر تخوفا من مزايدات الجماعة الإسلامية، إلا أن المسؤول الرفيع طمأنه بأن الجماعة الإسلامية لن تعترض على تحقيق المصالحة.
واتفق ثلاثتهم على عقد اجتماع في مساء اليوم نفسه بحضور طارق الزمر، لإنجاز الاتفاق، وحضر الجميع في المساء وحاول الزمر المزايدة على محمد علي بشر ولكن المسؤول الرفيع ألمح للزمر بأنهم عقدوا صفقة مع الدولة بالفعل وأنه لا داعٍ للمزايدة وهو ما لم يدركه بشر حينها. إلا أنه وفقا لرواية المصدر الإخواني، بدأت جماعة الإخوان في تفريغ رابعة العدوية ولكن الجماعة الإسلامية حشدت المزيد من أنصارها في النهضة وصبيحة يوم فض الاعتصام قام الإخوان في المساء بشحن المئات من سيارات الميكروباص بالإخوان لإخراجهم من الاعتصام ولم يكونوا نساء كما اعتقد البعض وذلك وفقا للصور والفيديوهات التي التقطتها وسائل الإعلام ولم يدرك حينها أن هذا جاء وفقا للاتفاق.إلا أن معلومات المصدر الإخواني توقفت عند هذا التفاصيل ما دفع "بوابة الأهرام"، إلى اللجوء لمصدر أمني، أكد صحتها، مشيرا إلى أن هناك خيانة حدثت من جانب الجماعة الإسلامية وتورط فيها بعض قيادات الإخوان.
وأوضح المصدر الأمني، أن مصطفى حمزة ورفاعة أحمد طه، وهما اثنان من قيادات الجناح العسكري للجماعة الإسلامية خلال التسعينيات كانا معتصمين برابعة واتفقا مع محيي حامد وحسام أبو بكر وأسامة ياسين ومحمد حافظ على إفشال خطة بشر من خلال إعلان النفير العام.وكشف المصدر أن جهاز المخابرات العامة علم بخطتهم ورصد اتصالات من قيادات الإخوان برابعة لقيادات الإخوان بالمحافظات، يدعون فيه للنفير العام، وأبلغوا الدكتور محمد البرادعي بذلك ولكن نائب الرئيس لم ييأس وطلب مهلة لبضع ساعات لإنجاز المفاوضات.وتجدد المفاوضات، إلا أن السيف سبق العزل، حيث قام مصطفى حمزة ورفاعة أحمد طه بتوجيه عناصر الجماعة الإسلامية للهجوم على مقرات أقسام الشرطة والكنائس، وهنا تدخل رجال المخابرات العامة بنصيحة مفادها أنه لا مناص من فض الاعتصام بأي ثمن لأن بشر ليس صاحب قرار بالإخوان والجماعة الإسلامية فعلت فعلتها بهم وأن الحماقة أعيت من يداويها.
وحول دقة ما ألمح إليه المسئول الرفيع للزمر خلال اجتماعهم حول عقد الجماعة الإسلامية صفقة مع الدولة، قال المصدر الأمني: "الجماعة الإسلامية باعت الإخوان فجر الجمعة 5 يوليو أي بعد إعلان خريطة الطريق بأقل من 48 ساعة".
وأضاف اتصل عصام دربالة بأحد الوسطاء، وطالبه بالتدخل لإنهاء الأزمة السياسية، مشيرا إلى أن الوسيط قام ليلة الخميس صبيحة يوم الجمعة بالاتصال برجال الشرطة وجهاز المخابرات العامة، وتم الاتفاق على أن تقوم الجماعة الإسلامية بالتقريب بين وجهة النظر مقابل وقف ملاحقة عاصم عبد الماجد وغيره من قيادات الجماعة.
وتابع: "وعلى خلفية ذلك أصدرت الجماعة الإسلامية البيان الذي أكدت فيه استعدادها للقبول بمرحلة انتقالية جديدة، ومقابل ذلك تم رفع الرقابة عن سيارة عاصم عبد الماجد وسمح له بدخول اعتصام رابعة على أن يقوم بالتهدئة ورغم أن عبد الماجد كان يلتزم مرة بما تم الاتفاق عليه ومرة أخرى يقوم بالشحن والتصعيد، كان دربالة يؤكد التزام الجماعة الإسلامية بالاتفاق".
واختتم المصدر الأمني بالقول: "الحماقة أعيت من يداويها... إجهاض جولات اتفاق المصالحة كانت تتم من الإخوان وخيانة الاتفاق الذي تم بلورته تم من داخل المعسكر الإسلامي بمزايدة رخيصة وتصرفات جنونية غير مسئولة من بعض قياداتهم.
تعليقات
إرسال تعليق